الجمعة، 23 أغسطس 2013

الخنجر ليس قاتلاً



على كورنيش البحر ..

اختلطت خطوات الباعة الجائلين المستعجلة بخطوات السائرين الهادئة مستمتعة ..بهواء البحر النقي
الذي اندفع  بين خصلات شعرها الطويل ..يبعثره حينا ويعيده اخرى

عقدت  ذراعيها امام صدرها ..في رفض زادها دلالاً ..
آثار جنونه العابث اكتر و جعل يشد فستانها الابيض..

فتمسك  بها اكثر .. واصابته كسرات امتدت حتى توقف  اعلى ساقيها ..والتف حولهما..
..غفل عنها الهواء المندفع حينما حمل صرخات دراجة ناريه مسرعة  قفز سائقها برشاقة رياضية
فــرسمت طريقها نصف دائرة ..

انتهت  حيث كانت تقف الفتاة  .. بعدما اطاحت بجسدها ممدا بعد بضعة امتار.
وسط ذهول المارة ..التقط الرجل دراجته وانطلق !
وتحركوا ببطء نحوها واسرع شاب اليها ..
جلس على ركبتيه .. يبحث عن نبضات قلب هاربة وانفاس ضعيفة .. تحاول الخروج ..
فلم يجد أيهما..
تقافز الى ذهنه صورة الخنجر الذي يحمله ..
تحسس ظهره بتردد.. واخرج خنجراً بدا قديماً كما لو انه ينتمي لعصور قديمة
.أمسكه احدهم من ذراعه ..مستفهماً
فنقل الخنجر بـ حركة سريعة ليَــده الاخرى ..التي هوت على صدرها فاخترقه..حتى وصل قلبها فشقه ..
عندها تعالى صياح الرجال و عززه صرخات نساء راقبن المشهد بفزع بالغ  ..
وفي حركة دفاعيه تراجع المتجمهرون..
وندت عنها شهقة قوية لم تكتمل لما تبعتها الثانية ..
بددتهم الثالثه بخشونة احدثت خدوشا في الهواء ..
وارتفع جسدها بانحناءة من منتصفه عن الارض ..وقد عادت فيه حياة عكسية! ..
واستيقظ الالم داخلها ..هاجمها  بلدغات حارقة ..فأذاب ملامحها احمرار بشرتها
وتفجرت عيناها بالدموع ..واغرقت ما حولها فابتل فستانها
.. امسك الشاب .. خنجره .. وسحبه بقوة وكان اخر المبتعدين عنها ..
قذفت من بين شفتيها  ضحكات بلوريه بحواف مكسرة جارحة ..وتساقطت ..فعكست الوان الطيف ناقصة ..
مالت على جانبها .. ثم انقلبت .. وضمت اليها ساقيها .. حتى اصبحت في وضعية تشبه السجود.. تمالكت نفسها ..
واستندت الى سور الكورنيش .. ووقفت ..
وجهت رأسها الى الشاب صاحب الخنجر .. ومازال في يده .. وقطرات الدم تتساقط منه ..
وسارت إليه بغير توازن  ..تميل ميلا شديدا ..فتنثر الدموع العالقة بفستانها
حتى وقفت امامه مباشرة ..
حدقت فيه بنظرات قوية ..
..وظلت تعابير وجهه جامدة مظلمة..
فقالت واسنانها تصطك :  تحدّيك الموت .. يعني اتجاها عكسيا لعقارب الساعة !
ثم رفعت عينيها الى الاعلى ..فرفع عينيه ليرى الى ما تنظر ..
جوارح من الطيور تحلق فوقهم في دوائر ..كانت  تنتظر اشارتها ..
انقسموا في صفين و بدأوا هجوما منظما عليه ..
كل طير يقترب .. ينقره نقرة موجعة ويمزق جزءا من لحمه ويبتعد ..
صرخ .. بكل ما فيه .. بقلبه وعقله وروحه ...احد عشر مرة بعدد الطيور !
 ولم تفلح محاولاته في الدفاع عن نفسه وابعادهم عنه
..تهاوى ..و سقط على جانبه الايسر فتهشمت ذراعه ..

اكملت قائلة ..
تذكر انك كنت السبب ..
من الان فصاعدا .. ستصبح الضحكات تعبير الوجع .. وفي الفرح ستشق الصرخات سكون الكون
وسيقتات الموت على كل حب يولد ..وتصبح العداوة في كلمات السلام تحية وبعد ..
 و يعود الشباب لعجائز.. تخطاهم الزمن يوما ما ..ويهرم الاطفال وهم صغار ! ..
سيظمأ من يشرب الماء ويرتوي من يشرب الدم ..
سيعود الزمن الى الوراء ..لتتغير احداثه ..
ابطاله مصيرهم مجهول ..
وضحاياه يصبحون جناة
وستدفع الثمن ..
ثمن تحدّيك للموت ..
تجلى السواد ..بحلول الليل ..
اخذ يحاول ان يلتقط انفاسه ..بلا جدوى ..فالهواء يهرب منه ..
جحظت عيناه وفغر فاه ..
وازرقت شفتاه...
......تراجعت عقارب الساعة ساعتين
وعادت الشمس لموقعها وقت الغروب
 وجد نفسه منحنيا نحوها .. والخنجر مثبت في صدرها ..
ودموعه تنساب على خديه  ..
وانتبه الى رجال شرطة احاطوا به وقيدوه ..
لم يقاومهم ..اقتادوه معهم ..واستسلم للرجل يضغط على رأسه ..ليدخله الى السيارة ..
عندها لاحت منه التفاتة اخيره اليها ..
أصابته دهشة عارمه لما رآها بفستان أرزق !
فقال بصوت ضعيف :
الخنجر ليس قاتلاً

هناك تعليق واحد: