الجمعة، 16 مايو 2014

كوني دافئة

كوني دافئة
................
يفتح حصالة نقوده ..
كل مساء..
ليجد رسالة جديدة..
مطوية بعناية..
مكتوبة بخط جميل
على ورقة وردية ..
ويبدأ القراءة ..
بصوت تسمعه كائنات لا ترى ..
......................................................
صديقي زياد ..

ارقتني حكايتك...
ففي عالمنا لا ترتدي النساء ما تسميه طرحة
لكنك كتبت ان والدتك تدخل الدبابيس في رأسها
حتما ستجد ثقوبا كثيرة ..

رباه ..كم هذا مؤلم !

كن بخير..

محبتك
نجمة ..
..................................................

اغلق الورقة .. وخبأها تحت الوسادة..
التمعت فكرة في رأسه..
ركض الى باب الغرفة الصغيرة..
فتحه بقوة..
ونزل الدرج بسرعة..
اتجه يمينا..
الى الصالة
حيث استلقت والدته على أريكة ..
امام التلفاز..الذي يصدر ضجة غير مفهومة..
تمسك الريموت بلا اكثراث..
وارهاقها ينعكس على الجدران فيبهت لونها ..

تباطئت خطواته..
لمحته يقترب ..
دعته إليها..
ركض مجددا..
ضمته بقوة ..بين ذراعيها..
لينساب الدفء إلى قلبه القلق..فيهدأ قليلا ..
صعد فوق ساقيها..استند بركبتيه..
ارتاحت تفاصيل كفه على كتفها..
تحسس شعرها بيده الاخرى
وقال وهو يتفحص خديها بعينيه..

لا يوجد ثقوب يا أمي..
فأمسكت ضحكة كادت تنفلت..
وقالت متعجبة :
وما الذي سيثقب رأسي يا زياد ؟
قال بانفعال :
الدبابيس..التي تستخدمينها..
ضحكت وقالت..
لا تقلق..الدبابيس لا تصيبني ..
انا فقط اثبت بها الطرحة ..
كي لا تنفلت أطرافها..

قبلها بحنان ..
مد رجله النحيفة ..
حتى لامست الارض..
ترك جسده ينزلق..
وركض خارجا ..
صعد الدرج..
كاد يتعثر..
 فأمسك حماسته..
و تريث في مشيه..
وصل إلى الغرفة..
ارتمى جالسا بجوار حقيبة المدرسة..
فتحها..
وامسك دفترا..يحل فيه الواجبات..
القى نظرتين حوله..
فلما اطمئن لوحدته..
شد ورقة.. فانفصلت بغير تساو ..
اخرج قلمه الرصاص ..
تكوم حول نفسه على الارض..
وبدأ يكتب..
.........................................................

لم أجد ثقوبا في رأس أمي كما توهمت ..
شعرها جميل .. عندما تسدله..
فلماذا تخفيه !
ومعلمتي في المدرسة..
لا ترتدي طرحة !

بعد قليل ستناديني امي فقد حان وقت النوم ..
سأكتب لك غدا..
عن الفراشات المضيئة..

نامي بعمق..

كوني دافئة دوما
كأمي

زياد
.................................................

ثنى الورقة ..مرة واحدة..
وفتح الحصالة..
اودع رسالته فيها..
وقبلة ..

تناهى الى سمعه..
صوت والدته تناديه..
اعاد كل شيء الى مكانه.. القلم والدفتر..والحصالة..

ترك باب الحمام مفتوحا..
سحب فرشاة اسنانه..
وضع المعجون ..
وعيناه معلقتان بالمرآة..
التي تعكس صورة الرواق ..
وصولا الى غرفته..

ينتظر مرور نجمة ..
من العالم الاخر..
كي تستبدل الرسالة بردها ..

..........يتبع :)