الجمعة، 27 سبتمبر 2013

مرآة لا تعكس صوراً قط




داخل رأسه

حلقت الموسيقى في دوامات ..

اثارت هياجا شديدا شتت اعماقه..

فاتخذ قراره بإخراجها ..

ادخل اصبعين داخل اذنه ..استطالا .. بمجرد ملامستهما للنغم ..

أمسك بنوتة معزوفة...سحبها ..

فتحولت الى قطعة زجاجية من مرآة غير متساوية الاحرف

اكتمل العدد بخمس وعشرين جزءا ..

رتبهم متجاورين .. فلاحظ بينهم رابطا يكملهم في كيان واحد

تصاعد بخار فكرة ..اثارته فعطس بقوة ..

جلب كرسيا وحَطّه بغير اهتمام في ركن الغرفة
قال في نفسه اين هو ؟
وبصوت عال : أيها الاحمق ..

راح يبحث في جميع الاركان حتى وجده ..
عَلِقت شفتيه في ابتسامة متشفية
ها أنت ذا ..أيها العنكبوت
مد ذراعيه الى الاعلى .. واحتواه بين كفيه ..

اهتز الكرسي .. فقد توازنه .. وكاد يسقط ..
فأفلت العنكبوت .. التقطه عنقه
و انسل الى قميصه

سرت شرارة من كهرباء في جسده ..

ثبتته في مكانه

خشي ان يخلع قميصه .. فينسحق .. وهو في حاجة اليه ..

بحذر شديد ..

امسك الياقة وابعدها قليلا

ركضت عيناه باحثة عنه ..
حتى  اصطدمت به..

انزلقت يده الى الداخل .. حمله برفق ..

ارسل تنهيدة عالية تعلقت في ستائر الهواء ..

نزل عن الكرسي .. وعاد الى مرآته المفرقة ..

وضع العنكبوت في فراغ بين قطعتين ..

وقال له ..
ارجوك .. ساعدني ..

وكأنه تلقى الرسالة ..

بدأ بغزل خيوطه بين الاجزاء فتتقارب حد الالتصاق ..

اخذ يراقبه في هدوء .. فانعكست صورته اربع وعشرين مرة ..

حيث عرض الجزء الاخير مشهدا من الذاكرة ..

على شاطيء البحر ..

قلوب ملقاة بلا اكتراث.. مضى عليها زمن .. فارتدتها الطحالب ..

الا اثنين

تفتحت زهورهما في جنائن .. نادت عطورها امواجا ..

تسارعت بجنون

لتلامس القلوب
فتواترت النبضات فيهم
نبضة ..
نبضة ..
نبضة ..
ثم يصعد حوت ازرق .. اُبدلت عينيه بمصباحين ..مطفأين
يعضّ الشاطيء ..تنغرس اسنانه ..
وينخلع بعضها فيه ..
فتردد الرمال صرخات مدوية ..تتطاير مع الرياح و تزعج ساكنيها من نومة هادئة..
يترك نفسه للامواج تسحبه .. ليعود الى احضان الحياة
بعد ان تختفي القلوب في جوفه
..مظلم جوفه ..

كعيني رحيل اسود

يلتقطه

ويسقطه في فمه ..

يلوكه بتلذذ ..تتكسر العظام فيُسمع صوتها كقرمشة البطاطس ..

ويقلّبه بلسانه من جانب لاخر

وهو الوحيد الذي نجا من طواحينه.. لما تمسك بجدار الخد ..

تنزلق يداه ..

فيمسك به اكثر وتنغرس اظافره في اللحم
يتالم الرحيل ..ويقذفه ..

ليجد نفسه معلقا ب شيش نافذة خشبي .. قديم متهالك .. مثبت بمفصلات صدئة على صدر رجل

يئن تحت قسوة يد النجار

الذي يمسك مطرقته .. ويشبعه ألما حتى يستسلم وينفتح ..

يخلعه ..

فتندفع عدة اكياس ..الى الارض

يمزقها بعنف ..

تنطلق منها ظلال ارواح مسروقة ..

يهربون الى النور ..

فيتوهج الوجع ويزداد حتى يغطي كل التفاصيل ..

ويعيد رسمها من جديد..

توقف العنكبوت بعد ان انهى مهمته ..

اعاد النظر في القطع مرة اخرى ..التي أبت ان تعكس صورته

رأها تجلس على ركبتيها ..

وبقطنة صغيرة ورقة متناهية ..تمسح عن ركبته اثار دماء جفت ..

وعذوبة صوتها الذي لا يزال عالقا برائحة الياسمين ..

وهي تقول :

لتكن حذرا ..

فليس لكل جرح ما يطيبه..

ارتعش لما احتضنته بروحها ..
 

 وعندما اراد ان يحيطها بذراعيه ..

اختفت ..

ولم تعكس تلك المرآة من بعدها صورا قط

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

فـالصبح يتنفس اسمك










فِـي أَشَدّ لَحَظات الليـْل إخْتـنـاقاً بِـحبالِ الشَّـوق ..
يَـفكُّ رَبْطةَ عُنقِهِ السَّـودَاء قَلِيلاً ..
و يـَتـَملْمَلُ فـي سَمَائهِ ..
تَسْمعُ العَـصافِيرُ أنِينَـهُ يَـتخَافتْ..
فَـتَشْدو أَلـحَانَها شَـجَنـاً ..
يَـعَاجِلهُ الفَـجْـرُ بِـخُـيُوطِ نُورِكَ..
و تَـتوَرّدُ وَجْــنَـتَي الكَوْن دِفْئاً ..
فَـالصُبحُ يَـتنـفَّسُ اسْمـكَ..
 

الخميس، 12 سبتمبر 2013

اصابع الاسى





انْـهكهُ التَّــعب ..

فتـَـسَاقطتْ مَلامِح وَجْههِ أجْزاءاً علَى زُجاجِ القُلوب الفَارِهة ..

مَسحَها بــ خِرقة بَالية كادَ يَكونُ لونُها بُرتقَالياً..

تَـصْطدِم بِراحَة يَـدهِ السَّـمْـراء قِطَع مَعدَنِيــة..

فَـتُضيء أصَابعُ الأَسَى جَبِــينَــه ..

و تَـفضَح ذَاكِرة قَمِيـصِـه ..

إنْحَناءاتِه و أوقَاتهَا ..

فِي مَا بيْنها فَراغَات ..

مَلأتْها فَضْلةُ بَقَايا الزَّمَـــان..

السبت، 7 سبتمبر 2013

طفلة ضائعة





طفلة ضائعة ..
تتعثر خطاها في ضبابية الحياة
انسابت دموعها .. وعضت شفتيها ..
أريد .. أنا .. أبحث .. لست ..
وفي لحظة مفاجئة سقطت من السماء عصا مرصعة بالجواهر
توقفت ثوان .. اخفت الدموع في جيبها سريعاً  ..
وركضت باتجاه العصا ..
اوقفتها بجانبها ..
ثم ضربت بها الارض ... مرتين ..
قالت بانفعال شديد :
اعيديني .. هيّا ..
اعيديني ..
وباستسلام قالت أخيرا..
ارجوكِ ..

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

الوريقات



جلست على حافة النافذة ..
يرسل القمر ضوئه في ومضات تنعكس على بشرتها السّمراء ..
راقبته بنظرات متسائلة قلقة ..
لماذا رحل  عنها  ؟ ومتى يعود ؟ ..
انبعثت منها تنهيدة شوق حارة ..
مالت يميناً بظهرها للحائط .. واستندت عليه ..
فتحرك القمر الى مدى نظرها ..
تآكلت افكارها دهشة ..
قفزت الى الارض ..واتجهت للجانب الايسر من النافذة الكبيرة ..
فتحرك القمر مجدداً ..
بحثت عن فردة الحذاءالثانية.. لم ترها في الظلام  ...
ثم تعرقلت بها عندما تقدمت بضع خطوات باتجاه باب الغرفة
اقحمت قدمها فيه بقوة وهي ترمي سباباً في الهواء ..
ركضت خارجة منها..
نزلت السّـلم  الحلزوني قفزاً من الطابق الثاني  ..لتجد نفسها امام باب المنزل ..
فتحت قفلين ثم ادارت مقبضه ..
صفرت الريح بشدة اعتراضا وصفعتها مرات ..
لم تعبأ بها وتقدمت الى الحديقة ببطء
وهي تدقق في لوحة السماء الليلية
تنهدت لما لم تجد القمر ..
راحة دامت لثوان معدودة .. عاجلها القلق
..وصل القمر  الى مكانه الجديد ..امام مرمى بصرها
بعث ضوئه إليها في ومضات متتالية
لينير سؤال في ذهنها ..
من منا يراقب الاخر ..
هل يراقبني القمر ؟
.. ولم تكد تكتمل افكارها ..حتى انطفأ نوره ..
وتوقفت الريح عن الحركة تماماً
تحولت الومضات على بشرتها الى نمل يسير في صفوف إلى رأسها ...تراه ولا تشعر به
لازمت مكانها ..بضع ثوان اخرى مرت ..
فتوهج شعرها وقلبها ويديها وقدميها ..
التفت حول نفسها لتعود للمنزل ..
 طارت بارتفاع سنتيميترات .. وسقط منها فردتي الحذاء بتتابع
تجاوزت الباب ..انغلق وراءها بقوة
اهتزت اللوحات الجدارية وسقطت محطمة ..
ولم تكن تتفادى التحف والزجاجيّــات ..
كانت تتطاير قطعا في كل اتجاه ..ويحدث تكسّرها جلبة عالية
استمرت صعوداً..
دخلت اقرب غرفة ..
ارتاح وهجها على ملامح موجوداتها ..
اقتربت من دولاب الملابس ..
فانفتح بعنف .كادت تنخلع مفصّــلاته .. تأوه من الالم ..في تكات متعالية..
مدت يدها بداخله .. التصقت الملابس بجدرانه مبتعدة عنها ..
حملت صندوقاً خشبياً ذا حواف دائرية
وضعته على سرير ..
وفتحته ..
واخرجت ثمان وريقات شجر
حُفرت كلمة على كل واحدة فيهم .
.. النفس ...انتقام .. غضب .. كره .. عفو .. حلم.. حب .. الجسد
التحم الجسد في النفس . وتداخل الانتقام .. الغضب .. الكره .. العفو .. الحلم .. الحب ..
في ترتيب يشبه الكف .. وتوحدوا مع ورقتي الجسد والروح ..
اشتعلت الوريقات المندمجة بغير نار  ..
تخلصت من قبضتها ..و التصقت بـ صدرها ..
احرقت مكانها ... وانتشرت في ملابسها .. فتناثرت رماداً ..
دفعتها بشدة الى الوراء لم تستطع ان تردها ..
سيّرتها الى الحمام ..
واوقفتها تحت الدش ..
تدفقت المياة الباردة منه ..
لم يتحملها الجسد .. انتفض عدة مرات ..
فتناثرت عنها خطاياها ..
قاومت كي تبتعد عن المياه ..صرخت ..
فرسمت صرختها خطوطا متعرجة  على خدها وحول عينيها ..
جاهدت كي تحرك ساقها .. امسكت حامل المناشف ..
تمزق النسيج بين نفسها وجسدها ..
فتحررت..
 وتحركت بعيدا عن المياه ..

انفاس لاهثة .. وصدر يصعد ويهبط بسرعة ..
قبضة يد بانت عروقها ...
وجسد عار .. تنزلق عليه المياه راسمة انحناءاته بتأن ..
انتقل اثر الوريقات المنطبعة فوق قلبها .. الى كتفها ..
تفحصته قليلا باصبعين ..
ثم تنهدت ..
سحبت المنشفة .. غطت جسدها .
وخرجت من الحمام ..
عادت الى غرفتها .. وما زال الماء يتساقط منها ..
رمت نفسها فوق السرير ..
واجهشت في البكاء ..
قبضت بقوة على الوسادة وكرمشتها ..
قالت :
في ليلة قمرية ..
يعود ..
اذا ما تغلبت على الصراع
كنت سأفقد حياتي ..
.. فخَسرَتْه للأبد .