الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

الوريقات



جلست على حافة النافذة ..
يرسل القمر ضوئه في ومضات تنعكس على بشرتها السّمراء ..
راقبته بنظرات متسائلة قلقة ..
لماذا رحل  عنها  ؟ ومتى يعود ؟ ..
انبعثت منها تنهيدة شوق حارة ..
مالت يميناً بظهرها للحائط .. واستندت عليه ..
فتحرك القمر الى مدى نظرها ..
تآكلت افكارها دهشة ..
قفزت الى الارض ..واتجهت للجانب الايسر من النافذة الكبيرة ..
فتحرك القمر مجدداً ..
بحثت عن فردة الحذاءالثانية.. لم ترها في الظلام  ...
ثم تعرقلت بها عندما تقدمت بضع خطوات باتجاه باب الغرفة
اقحمت قدمها فيه بقوة وهي ترمي سباباً في الهواء ..
ركضت خارجة منها..
نزلت السّـلم  الحلزوني قفزاً من الطابق الثاني  ..لتجد نفسها امام باب المنزل ..
فتحت قفلين ثم ادارت مقبضه ..
صفرت الريح بشدة اعتراضا وصفعتها مرات ..
لم تعبأ بها وتقدمت الى الحديقة ببطء
وهي تدقق في لوحة السماء الليلية
تنهدت لما لم تجد القمر ..
راحة دامت لثوان معدودة .. عاجلها القلق
..وصل القمر  الى مكانه الجديد ..امام مرمى بصرها
بعث ضوئه إليها في ومضات متتالية
لينير سؤال في ذهنها ..
من منا يراقب الاخر ..
هل يراقبني القمر ؟
.. ولم تكد تكتمل افكارها ..حتى انطفأ نوره ..
وتوقفت الريح عن الحركة تماماً
تحولت الومضات على بشرتها الى نمل يسير في صفوف إلى رأسها ...تراه ولا تشعر به
لازمت مكانها ..بضع ثوان اخرى مرت ..
فتوهج شعرها وقلبها ويديها وقدميها ..
التفت حول نفسها لتعود للمنزل ..
 طارت بارتفاع سنتيميترات .. وسقط منها فردتي الحذاء بتتابع
تجاوزت الباب ..انغلق وراءها بقوة
اهتزت اللوحات الجدارية وسقطت محطمة ..
ولم تكن تتفادى التحف والزجاجيّــات ..
كانت تتطاير قطعا في كل اتجاه ..ويحدث تكسّرها جلبة عالية
استمرت صعوداً..
دخلت اقرب غرفة ..
ارتاح وهجها على ملامح موجوداتها ..
اقتربت من دولاب الملابس ..
فانفتح بعنف .كادت تنخلع مفصّــلاته .. تأوه من الالم ..في تكات متعالية..
مدت يدها بداخله .. التصقت الملابس بجدرانه مبتعدة عنها ..
حملت صندوقاً خشبياً ذا حواف دائرية
وضعته على سرير ..
وفتحته ..
واخرجت ثمان وريقات شجر
حُفرت كلمة على كل واحدة فيهم .
.. النفس ...انتقام .. غضب .. كره .. عفو .. حلم.. حب .. الجسد
التحم الجسد في النفس . وتداخل الانتقام .. الغضب .. الكره .. العفو .. الحلم .. الحب ..
في ترتيب يشبه الكف .. وتوحدوا مع ورقتي الجسد والروح ..
اشتعلت الوريقات المندمجة بغير نار  ..
تخلصت من قبضتها ..و التصقت بـ صدرها ..
احرقت مكانها ... وانتشرت في ملابسها .. فتناثرت رماداً ..
دفعتها بشدة الى الوراء لم تستطع ان تردها ..
سيّرتها الى الحمام ..
واوقفتها تحت الدش ..
تدفقت المياة الباردة منه ..
لم يتحملها الجسد .. انتفض عدة مرات ..
فتناثرت عنها خطاياها ..
قاومت كي تبتعد عن المياه ..صرخت ..
فرسمت صرختها خطوطا متعرجة  على خدها وحول عينيها ..
جاهدت كي تحرك ساقها .. امسكت حامل المناشف ..
تمزق النسيج بين نفسها وجسدها ..
فتحررت..
 وتحركت بعيدا عن المياه ..

انفاس لاهثة .. وصدر يصعد ويهبط بسرعة ..
قبضة يد بانت عروقها ...
وجسد عار .. تنزلق عليه المياه راسمة انحناءاته بتأن ..
انتقل اثر الوريقات المنطبعة فوق قلبها .. الى كتفها ..
تفحصته قليلا باصبعين ..
ثم تنهدت ..
سحبت المنشفة .. غطت جسدها .
وخرجت من الحمام ..
عادت الى غرفتها .. وما زال الماء يتساقط منها ..
رمت نفسها فوق السرير ..
واجهشت في البكاء ..
قبضت بقوة على الوسادة وكرمشتها ..
قالت :
في ليلة قمرية ..
يعود ..
اذا ما تغلبت على الصراع
كنت سأفقد حياتي ..
.. فخَسرَتْه للأبد .




















 

هناك تعليق واحد: